التعليم، العمل، التنمية، وحب الوطن هي مفرداتٌ في قاموس العمل اليومي لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تسارع خطاها للتحول إلى دولة عصرية ونموذجية تثبت في كل يومٍ أنّ كل شيء يمكن أن ينضب من عالمنا إلا الأمل بالمستقبل.وقد ظهر ذلك جليّاً من خلال تحقيق الدولة للعديد من الأرقام القياسية والريادية في مجالات عديدة، سواءً على صعيد العلوم، والفضاء، وحتى الطاقة. فمع بدء الاستثمار في بحوث علوم الاستمطار بهدف مواجهة خطر شح المياه الذي يهدد العالم بحلول 2030، اتّجهت الدولة إلى البدء فعلياً ببناء أول مفاعل نووي في منطقة الخليج بهدف البدء بتوليد الطاقة النظيفة، حيث يُعدّ هذا المشروع من أولى المبادرات العملية في مواجهة خطر نضوب الطاقات غير المتجددة
ولقد كان لهذا المشروع الحيوي وافر النصيب من اهتمام مجلس الوزراء، الذي اختار مقرّه مكاناً مميزاً لعقد آخر جلساته خلال هذا الأسبوع، حيث ترأس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي -رعاه الله- هذه الجلسة في محطة البراكة للطاقة النووية، في رسالةٍ واضحةٍ مفادها أنّ دولة الإمارات ماضيةٌ وبكل ثباتٍ لتحقيق الرؤية المستقبلية والبرنامج الوطني الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله ورعاه- في عام 2005.
إن فكرة هذا المشروع الاستراتيجي الرائد تبلورت على أيادٍ إماراتية، استفادت من التوجه الحكومي لدعم التعليم والتدريب،من خلال إقامة مركز المحاكاة داخل المحطة، وهي أيقونة فريدة تعمل على ترسيخ هذه العلوم الحديثة، حيث أن وجود مركز التدريب بالمحاكاة سمح للكوادر الوطنية في اكتساب مختلف العلوم والمعارف اللازمة لتشغيل وإدارة المفاعل، فكان من مخرجاته بروز نخبة من المهندسين الإماراتيين الواعدين،وهو ما أثنى عليه صاحب السمو رئيس مجلس الوزراء قائلاً "نحن فخورون بشبابنا العاملين في المشروع النووي الأكبر من نوعه على مستوى العالم، فهم المحرك لإنجازات المستقبل.
ومن المنتظر أن تغذي المحطة النووية التي تعتبر الأكبر في العالم قسماً من احتياجات الدولة من الكهرباء، كجزء لا يتجزأ من رؤية الإمارات لعام 2050 في الحصول على الطاقة من مصادر نظيفة، وتقليل نسبة الانبعاثات الغازية المُلوّثة للبيئة، لتكون بذلك في طليعة الدول التي تبذل جهوداً حقيقية لتقليل الاعتماد على النفط.
إن دولة الإمارات باتت تقود الجهود الإقليمية في قطاع الطاقة السلمية، حيث أطلقت هذا المشروع الذي يعمل به حوالي 1900 بين خبيرٍ ومهندسٍ وفني، يمثل المواطنون نسبة 60%، فيما تبلغ نسبة الإناث 20% من إجمالي القوى العاملة في المشروع، على أن يرتفع إجمالي عدد العاملين بالمشروع في العام 2020 لأكثر من 2500 عاملاً وعاملة من مهندسين وتقنيين وموظفي دعم، لضمان عمل المحطات الأربع التي يتضمنها المشروع بشكل آمن وفعّال.
إنتأسيس الدولة لمشاريع عملاقة من هذا النمط له تأثيرات إيجابية ذات أبعادٍ استراتيجية متنوعة، منهاامتلاك الدولة لمصدر نظيف وآمن من مصادر الطاقة التي تعتبر عصب الحياة والتطور، وأساس التنمية والازدهار. كما أن امتلاك المعرفة والتعليم المتطور في نطاق التكنولوجيا الحساسة، تعد من الأصول الهامة التي لاتقدر بثمن، فتقدم الأمم إنما يقاس بمعارفها وبما تضيفه هذه المعارف من منجزات على الحضارة البشرية، فالمعرفة هي الكنز الحقيقي الذي تتوارثه الأمم والشعوب.
ولا ننسى أن الرغبة في التطور ليست كافية لوحدها في نهوض الأمم وتقدمها، بل ينبغي وجود قيادة راسخة ورؤية سديدة تؤمن بقدرات أبنائها وتصقلها وصولاً إلى نطاق العمل الجاد، وهو ما عبر عنه سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عندما قال" إن دولة الإمارات ماضية في تحقيق تطلعاتها للريادة عالمياً في مشاريعها بالاعتماد على أبنائها" وتابع خلال ترأسه جلسة مجلس الوزراء " لقد وضعت الإمارات آمالها في جيل الشباب المتسلح بالمعرفة والعلوم الحديثة.